ترشيحات وتوقعات السباق على الكرة الذهبية لعام 2025:
في كل عام، ومع اقتراب نهاية الموسم الكروي، تتجه أنظار عشاق كرة القدم حول العالم نحو الكرة الذهبية (Ballon d'Or). هذه الجائزة التي تُمنح لأفضل لاعب في العالم، لا تُمثل مجرد اعتراف بالتميز الفردي، بل هي تتويج لموسم كامل من الأداء الاستثنائي، اللحظات التاريخية، والتأثير الحاسم في حصد الألقاب.
بمجرد نهاية الموسم الرياضي 2024-2025، وعقب الإثارة التي شهدتها البطولات المحلية والقارية الكبرى، بالإضافة إلى صداها من البطولات الدولية الكبرى ككأس أمم أوروبا وكوبا أمريكا وكأس العالم للأندية ، بدأ المشهد يتضح شيئا فشيئا حول الأسماء المرشحة بقوة للظفر بهذه الجائزة المرموقة لعام 2025.
لم يعد السباق محصورا بين اسمين أو ثلاثة، بل اتسع ليشمل نخبة من المواهب التي تُقدم كرة قدم ساحرة وتُحدث الفارق في كل مباراة. فمن هم هؤلاء النجوم الذين برزوا بقوة في هذا الموسم المُلتهب؟ هذا المقال سيُقدم تحليلا معمقا لأبرز المرشحين للبالون دور، مُستعرضين إنجازاتهم الفردية والجماعية، والتحديات التي يواجهونها في طريقهم نحو المجد.
عمالقة القارة الأوروبية - نجوم سطعوا في موسم 2025/2024
شهد موسم 2024-2025 تألقا لافتا لعدد من النجوم في الدوريات الأوروبية الكبرى ودوري أبطال أوروبا، مما وضعهم في صدارة قائمة المرشحين للكرة الذهبية. من أبرزهم:
أولا: لامين يامال - الجوهرة الخام التي أصبحت نجما ساطعا
لم يعد لامين يامال مجرد موهبة واعدة؛ لقد أصبح ظاهرة كروية حقيقية فرضت نفسها بقوة في عالم الكبار خلال موسم 2024-2025. بعمر لا يتجاوز السابعة عشرة، أثبت هذا الجناح الإسباني الشاب و اللاعب الأبرز في هجوم برشلونة أنه يمتلك كل المقومات ليُصبح أيقونة المستقبل، بل ومرشحًا جادًا للكرة الذهبية.
تميز يامال بقدرته الفريدة على المراوغة في المساحات الضيقة، وتسجيل الأهداف الحاسمة، وصناعة الفرص لزملائه بفضل رؤيته الثاقبة وتمريراته الدقيقة. لم يُقدم مستويات عابرة، بل حافظ على أداء ثابت وعالٍ جدا على مدار الموسم، مما جعله كابوسا للمدافعين في الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا (حتى لو لم يفوز باللقب، لكن قدم أداءً تاريخيا على المستوى الفردي).
هذا ما سيُعزز من ترشيحه بشكل كبير. القفزة النوعية في مساهماته التهديفية والصناعية، إلى جانب أهميته لفريقه، تجعله أحد أبرز المرشحين للكرة الذهبية. العمر في هذه الحالة ليس عائقا، بل نقطة قوة تُبرز استثنائيته.
ثانيا: كيليان مبابي (ريال مدريد/باريس سان جيرمان)
بعد الانتقال التاريخي إلى ريال مدريد في صيف 2024، كان اللاعب كيليان مبابي محط الأنظار. إذا نجح في قيادة ريال مدريد بقوة وواصل تألقه التهديفي في الدوري الإسباني، لكن المستوى الباهث لفريقة خلال هذه السنة، إلا أنه يعتبر بلا شك المرشح الأبرز للكرة الذهبية.
وذلك، بفضل سرعته الخارقة، قدرته على التسجيل من لا شيء، وصناعته للأهداف مما يجعله ظاهرة فريدة من نوعها. إضافة إلى ذلك قدم مبابي أداءً استثنائيا في يورو 2024 مع فرنسا (حتى لو لم يُتوّجوا باللقب). وبالتالي، فإن مجموع إنجازاته سيكون كافيا لوضعه في المقدمة.
ثالثا: عثمان ديمبلي (باريس سان جيرمان)
بعد موسم 2024-2025، إذا استطاع عثمان ديمبلي الحفاظ على لياقته البدنية وتجنب الإصابات التي طاردته في مسيرته، وقدم أداءً استثنائيا مع باريس سان جيرمان في الدوري ودوري الأبطال. فبذلك، أصبح ديمبلي مرشحا قويا. قدرته الفريدة على المراوغة بالقدمين، سرعته، وقدرته على صناعة الأهداف من أي موقف، تجعله لاعبا لا يُمكن التنبؤ بتحركاته.
والجدير بالذكر، أنه إذا كان هو صانع الألعاب الرئيسي خلف إنجازات باريس سان جيرمان الكبرى، فإن مستواه تحسن نحو الأفضل بفضل بعض اللاعبين المتميزين في الفريق أمثال الظهير الأيمن أشرف حكيمي والظهير الأيسر منذيز. لكن رغم ذلك، تعتبر بصمته القوية في يورو 2024 مع فرنسا، من العوامل التي زادت ترشحه القوي للكرة الذهبية.
رابعا: رافينها - الجناح المتألق وصانع الفارق
شهد موسم 2024-2025 تحولا لافتا في أداء رافينها، حيث ارتقى الجناح البرازيلي بمستواه ليُصبح لاعبا حاسما في تشكيلة برشلونة، مُقدما مساهمات هجومية لا تُقدر بثمن. وأصبح لاعبا أكثر فعالية أمام المرمى، بتحسين كبير في إنهاء الهجمات والتسجيل من مواقف صعبة. لم يعد مجرد جناح يُقدم العرضيات، بل أصبح مصدرا رئيسيا للأهداف والتمريرات الحاسمة لبرشلونة، سواء في الدوري الإسباني أو في المسابقات الأوروبية. قدرته على اللعب على كلا الجناحين، وتسديداته القوية، ومراوغاته الحاسمة، جعلته لاعبا صعب المراس للمدافعين.
ما ميز رافينها هذا الموسم هو قدرته على الظهور والتألق في المباريات الحاسمة. سواء كان ذلك في الكلاسيكو ضد ريال مدريد، أو في مباريات دوري أبطال أوروبا الحاسمة، غالبا ما كان رافينها هو اللاعب الذي يُقدم اللمسة النهائية أو التمريرة المفتاحية التي تُغير مجرى المباراة. هذه القدرة على الأداء تحت الضغط تُعزز من قيمته كمرشح للكرة الذهبية.
بالإضافة إلى تألقه مع برشلونة، إذا قدم رافينها أداءً استثنائيا مع المنتخب البرازيلي في كوبا أمريكا 2024 (حتى لو لم يُتوج المنتخب باللقب، لكن كان هو النجم الأبرز)، فإن هذا سيُضيف وزنا كبيرا لترشيحه. مساهمته الفعالة في الأندية والمنتخب الوطني هي ما تُصقل صورة اللاعب المتكامل. إذا جمع بين لقب كبير مع برشلونة وأداء فردي مبهر في كوبا أمريكا 2024، فستكون حظوظه قوية.
خامسا: محمد صلاح (لاعب ليفربول المتميز)
واصل محمد صلاح مسيرته الاستثنائية كأحد أفضل الهدافين وصناع اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. إذا قاد ليفربول لتحقيق إنجازات كبيرة في موسم 2024-2025، سواء بالفوز بالدوري الإنجليزي أو التألف في دوري أبطال أوروبا، واستمر في تقديم أرقام تهديفية وصناعة أهداف تُبهر العالم، فستظل حظوظه قائمة بقوة.
ما يُميز صلاح هو ثبات مستواه على مر السنوات وقدرته على حسم المباريات الكبيرة. على الرغم من عدم وجود بطولة دولية كبرى تُقام في 2025، فإن أداءه مع ليفربول سيظل هو المعيار الأساسي لتقييمه، مع الأخذ في الاعتبار تأثير مشاركته في كأس أمم إفريقيا 2024.
سادسا: فينيسيوس جونيور (ريال مدريد)
لقد أثبت فينيسيوس جونيور أنه أحد أخطر المهاجمين في العالم، وذلك بفضل قدرته على المراوغة، سرعته، وحسه التهديفي في اللحظات الكبيرة التي تجعله لاعبا لا يُمكن إيقافه. وعموما، إذا كان فينيسيوس النجم الحاسم في تألق ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا، وتقديمه أداءً مبهرا مع البرازيل في كوبا أمريكا 2024، فستكون حظوظه عالية، خاصة وأن الكرة الذهبية غالبا ما تُكافئ النجوم الذين يُقدمون كرة قدم مُمتعة وفعالة.
سابعا: إيرلينج هالاند (مانشستر سيتي)
على الرغم من أن إيرلينج هالاند لم يفز بالكرة الذهبية في 2024، إلا أنه يظل ماكينة أهداف لا تتوقف. إذا واصل تحطيم الأرقام القياسية التهديفية في الدوري الإنجليزي الممتاز وقاد مانشستر سيتي إلى التالق بدوري أبطال أوروبا خلال السنوات الأخيرة أو الفوز بالثلاثية مرة أخرى، فسيكون له فرصة قوية. تُعتبر أهدافه الحاسمة عاملا لا يُمكن تجاهله، وخصوصا إذا اقترنت بنجاحات جماعية كبرى.
صانعو الألعاب الصامتون: قوة غير هجومية
في السنوات الأخيرة، لم يعد الفوز بالكرة الذهبية حكرًا على المهاجمين أو صناع الأهداف فقط. بل أصبح التصويت على المرشحين يقدر بالدور المحوري للاعبين الذين يُسيطرون على إيقاع اللعب ويُقدمون أداءً استثنائيا في أدوار غير تقليدية بغض النظر عن مراكز اللعب. وكان من أبرز هؤلاء المرشحين:
أولا: أشرف حكيمي (باريس سان جيرمان)
يُعتبر أشرف حكيمي واحدًا من أفضل الأظهرة اليمنى في العالم إن لم يكن أفضلهم. خلال موسم 2024-2025، واصل حكيمي تقديم مستويات استثنائية مع باريس سان جيرمان، مُظهرًا قدرة هجومية هائلة وسرعة لا تُصدق في الرواق الأيمن. مساهماته في الأهداف والتمريرات الحاسمة، بالإضافة إلى دوره الدفاعي المتطور، جعلته قطعة لا غنى عنها في فريقه.
إذا كان حكيمي جزءًا أساسيا من تتويج باريس سان جيرمان بألقاب كبرى، خاصة دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية 2025، كما قدم أداءً مبهرا مع المنتخب المغربي في أي استحقاق دولي كبير خلال 2024 (مثل كأس العالم أو المباريات الودية البارزة التي تُبرز دوره)، فستكون حظوظه كلاعب غير هجومي صريح في الفوز بالكرة الذهبية مرتفعة، وهو ما قد يُغير مفهوم الجائزة لتشمل الأدوار المحورية الأخرى.
ثانيا: فيتينيا (باريس سان جيرمان)
في موسم 2024-2025، إذا استمر فيتينيا في التطور ليُصبح العقل المدبر لخط وسط باريس سان جيرمان، وقدم مستويات قيادية تُمكن فريقه من السيطرة على المباريات الكبرى في الدوري الفرنسي ودوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية 2025. فبذلك، أصبح مرشحا مثيرًا للاهتمام.
يُعرف فيتينيا بقدرته على التحكم في إيقاع اللعب، توزيع الكرات بدقة، والضغط على الخصم. إذا أضاف إلى ذلك مساهمات هجومية أكبر (أهداف وتمريرات حاسمة)، وتألقًا مع المنتخب البرتغالي في يورو 2024 أو في تصفيات كأس العالم، فقد يُعترف به كأحد أبرز لاعبي خط الوسط في العالم، مما يمنحه فرصة للدخول في قائمة المرشحين النهائية بالكرة الذهبية. ترشيحه قد يُسلط الضوء على قيمة اللاعبين الذين لا يُسجلون الأهداف بالضرورة ولكنهم يُديرون اللعبة ببراعة.
رابعا: جود بيلينجهام (ريال مدريد)
واصل جود بيلينجهام مسيرته الصاروخية التي بدأها في 2023-2024. كلاعب خط وسط، يُقدم مساهمة هجومية لا تُصدق، مع قدرة على تسجيل الأهداف الحاسمة والسيطرة على منطقة المناورات. إذا كان بيلينجهام القوة الدافعة وراء تتويج ريال مدريد بألقاب كبرى (خاصة دوري الأبطال)، واستمر في تقديم مستوياته المميزة مع إنجلترا في يورو 2024.
وبذلك، أصبح بيلينجهام مرشحا قويا للغاية، خاصة وأن الجائزة تُعطي وزنا متزايدا للاعبين الذين يجمعون بين التأثير الهجومي والسيطرة في خط الوسط.
خامسا: حارس المرمى جيانلويجي دوناروما
عادة ما يكون الفوز بالكرة الذهبية لحراس المرمى تحديا استثنائيا، نظرا للتركيز الهائل على اللاعبين الهجوميين. لكن جيانلويجي دوناروما، حارس مرمى باريس سان جيرمان ومنتخب إيطاليا، يُقدم أداءً يُمكنه من كسر هذه القاعدة في عام 2025. خصوصا أنه كان يُسجل إنقاذات خارقة تُغير مسار المباريات بشكل مباشر.
يُمكن القول أنه كان اللاعب الأبرز في العديد من مباريات باريس سان جيرمان الصعبة في الدوري الفرنسي ودوري أبطال أوروبا. تصدياته المُذهلة، قدرته على التعامل مع الكرات العرضية، وبناء الهجمات من الخلف، جعلته حائط صد لا يُمكن اختراقه. وبذلك، تُعتبر هذه الصفات حاسمة، خاصة في المباريات الكبرى التي تُحسم بفارق بسيط.
عوامل الحسم والتحديات: من سيُنهي السباق؟
الكرة الذهبية ليست مجرد سباق سرعة، بل هي ماراثون يتطلب الثبات على المستوى، القدرة على الأداء تحت الضغط، وتجنب الإصابات.
- دور كأس العالم للأندية 2025: مع النسخة الموسعة من كأس العالم للأندية في صيف 2025 بالولايات المتحدة الأمريكية، شكلت هذه البطولة نقطة حسم إضافية للاعبين الذين قدموا أداءً استثنائيا وقادوا فريقهم للتألق في هذه النسخة الحديثة أمثال: أشرف حكيمي، عثمان ديمبيلي، فيتينيا وغيرهم. فقد يُعزز ذلك من فرصهم بشكل كبير، خاصة إذا كان السباق متقاربا.
- تجنب الإصابات: الموسم الكروي طويل ومرهق، والإصابات يُمكن أن تُنهي طموحات أي لاعب. القدرة على الحفاظ على اللياقة البدنية والجاهزية طوال الموسم تُعد ميزة حاسمة للمرشحين.
- اللحظات الحاسمة: الأهداف في المباريات النهائية، التمريرات الحاسمة في الدقائق الأخيرة، أو التصديات البطولية (للحراس) في اللحظات الحاسمة، هي اللقطات التي تُرسخ في أذهان المصوتين. غالبا ما يكون اللاعب الذي يُقدم هذه اللحظات الساحرة هو الأوفر حظا.
خاتمة:
يُشكل سباق الكرة الذهبية لعام 2025 مزيجا مُثيرا من المواهب الفذة، الإنجازات الجماعية، واللحظات الفردية الخالدة. المنافسة مُحتدمة بين نخبة من أفضل اللاعبين في العالم، مع وجود أسماء راسخة ونجوم صاعدة. وخلاصة القول، اللاعب الذي يُقدم الأداء الأكثر تكاملا وإلهاما، ويُتوّج موسمه بأكبر الألقاب، هو من سيُمسك بالكرة الذهبية.